
مؤسسة العهد الصادق تختتم دورة الشهيد المهندس لمجاهدي القوات الخاصة بالحشد الشعبي في النجف الأشرف
مايو 10, 2025
بسم الله الرحمن الرحيم
الآباء والأمهات ، الأخوة والأخوات من أبناء هذا الشعب المظلوم ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قدرُ هذا البلد أن يَمُر دائماً بتحديات وظروف إستثنائية ومفصلية ، وهذا لهُ أكثر من سبب ، قد يكون أحدها كما نعتقد أن الله سُبحانه وتعالى يُريد لأبناء هذا البلد الخير ، لذلك فهو يُمررهُم بالتجارب والإبتلاءات والإختبارات حتى يصلوا إلى أعلى مُستويات النضج والوعي والصبر والشجاعة وتحمل المسؤولية ، هذا إذا نظرنا إلى مُسبب الأسباب أما إذا نظرنا إلى عالم الأسباب فالجواب واضح ومفهوم وهو أن لهذا البلد بسبب خيراته التي لا تعد ولا تُحصى وأهمها الإنسان أطماع لكثيرين فيها لذلك فهم دائماً يحيكون المؤامرات والمخططات من أجل السيطرة عليه وإستعباده وإستغلال ثرواته .
ونحن الآن أيها العراقيون جميعاً أيضاً أمام ظرف وتحد إستثنائي ، هذا الظرف يتمثل الآن بالوضع الأمني الخاص جداً والذي إستدعى ـ كما هو الظاهر ـ من دول العالم العُظمى أن تُشكّل تَحالفاً دولياً من أجل مُساعدته في التصدي للخطر الذي إنتبهت هذه الدول العظمى وغير العظمى مؤخراً إلى أنه خطر يُهدّد كُل العالم . لا تستغربوا فهذا هو الذي يُقال الآن …
“داعش” تُمثل تهديداً لدول الخليج ….
“داعش” تُمثل تهديداً لدول الإتحاد الأوربي …
“داعش” تُمثل تهديداً وشيكاً لمصالح الولايات المتحدة الأمريكية ..
“داعش” تُمثل تهديداً لكُل العالم ….
“داعش” .. “داعش” .. “داعش” …
بحيث الذي يستغرق ويؤمن بهذه التصريحات يستغرب من أننا لا زلنا على قيد الحياة و”داعش” موجود على أراضينا !!
فهل “داعش” فعلاً تُمثل خطراً بمثل هذا الحجم ؟؟!!
من وجهة نظرنا فإن :
“داعش” لم تَستطع أن تَقتَحِم ناحية صغيرة من حيث المساحة إسمها (آمرلي) رغم أنهم حاصروها من كُل الجهات ولأكثر من سبعين يوماً ، بل أن (آمرلي) هي التي إنتصرت عليهم في النهاية .
“داعش” إلى الآن هي عاجزة عن كسر إرادة أهالي (الضلوعية) ، ليس (الضلوعية) فقط بل وناحية (حديثة) و(العلم) و(عامرية الفلوجة) …
“داعش” توعّدت كثيراً ومراراً أنها بعد ساعات ستدخل بغداد ، والحال أن أبطال بغداد دخلوا على “داعش” في (الكرمة) و(إبراهيم بن علي) و(اليوسفية) وغيرها من المناطق التي كانوا يعتبرونها موطيء قدم لهم ..
بل في كُل معاركنا مع “داعش” رأيناها تنهزم منا وتهرب من أبطال المقاومة هروب الشاة من الذئب .
بل أن النتيجة الآن أن “داعش” تَخسَر وَتَنهَزم وَتَنكفأ أمام أبطال الجيش العراقي وقوته الجوية والذي أخذ يسترد عافيته ومعنوياته وخصوصاً ببركات فتوى المرجعية الدينية على الرغم من قلة الإمكانات التسليحية من طائرات وغيرها التي وضعها الغرب .
السؤال هو من هي “داعش” ؟
هل أن “داعش” هي البعبع المهول الضخم الذي يحتاج إلى تحالف دولي من أجل أن يقف أمامه ويحتاج إلى أشهر طويلة حتى يستطيع أن يعالجه وقد ينجح أو لا ينجح ؟!!
نحن نقول أن “داعش” هي صنيعة الولايات المتحدة الأمريكية . قد يتهمنا البعض بأننا من أصحاب نظرية المؤامرة ولكننا لسنا كذلك بل نُقدّم الأدلة :
أميركا هي التي إعترفت على لسان وزيرة خارجيتها في جلسة إستماع رسمية في الكونغرس الأمريكي أنهُم هُم الذي صنعوا الوجه الأول للتنظيمات التكفيرية وهي “القاعدة” . ولم يتغير لا الراية ولا العقيدة ولا الإسلوب ولا أي شيء ..
وهي التي الآن صنعت الوجه الآخر لها وهو “داعش” لأن كلاهما من رحم واحد له نفس العقيدة والتفكير ، كُل الذي يختلف هو وجه القيادة .
“داعش” نشأت وترعرعت في ظل ظروف أوجدتها الولايات المتحدة الأمريكية خصوصاً والغرب عموماً وشاركت معها بعض دول الخليج الذين الآن كُلهُم أعضاء في التحالف الذي يُريد التصدي لـ(داعش) .
أميركا عندما أوجدت الظروف المناسبة لنمو “داعش” في سوريا هل كان فعلها هذا خطوة تكتيكية فشلت فيها ، أما أنها كانت مشروعاً إستراتيجيا نَجَحَت فيه ؟
الجواب عند الكونغرس الأمريكي ، إذا كانت إدارة “أوباما” قد أخطأت هكذا خطأ قاتل بحيث يُوجد عدواً دولياً خطيراً للغاية يُمثل تهديداً وشيكاً على مصالح الولايات المتحدة كما يقول وزير دفاعها فإن الكونغرس الأمريكي سيُحاسب الرئيس الأمريكي ورُبما يُقيله .
أما إذا كان مشروعاً إستراتيجياً ناجحاً فإن الكونغرس الأمريكي سيدعمه ، والحال أننا رأينا الآن أن الكونغرس الأمريكي يدعم رئيسه .
“داعش” من وجهة نظرنا كما قلنا هي صنيعة وورقة أمريكية جديدة بعد أن إحترقت الورقة الأولى فغيروا الإسم والقائد الذي أطلق سراحه من السجن عام 2006 وهو حدث نادر أن يتم إطلاق سراح سجين في العراق في هكذا عام ، بل حتى “سنودن” الخبير في جهاز المخابرات الأمريكي ذكر ذلك صراحة ومنذ بدايات الأزمة قبل أشهر ، والهدف من هذه الصنيعة هو إعادة تقسيم المنطقة من جديد وخصوصاً العراق وعندما نقول المنطقة نقصد كُل منطقة الشرق الأوسط بما فيها السعودية وتُركيا على أساس إثني وقومي من أجل تحقيق أمن الكيان الإسرائيلي الذي هو أحد أعمدة الأمن القومي الأميركي كما تقول الولايات المتحدة الأمريكية نفسها.
ولنا هنا تساؤلات ..
إذا كانت “داعش” تُمثل تهديداً دولياً فلماذا لا يتم مُعالجة هذا التهديد من خلال الأمم المتحدة ومجلس الأمن وما يُسمى بالشرعية الدولية ؟!
وإذا كانت “داعش” تُمثل تهديداً جدياً فلماذا تستثنى قوة دولية مثل روسيا وقوة إقليمية مثل إيران ؟!
وإذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية تريد أن تُساعد العراق في قتاله لداعش فلماذا لا تزوّده بالأسلحة والطائرات التي يحتاجها لتحقيق إنتصاره ؟!!
سابقاً كانوا يَتَحَجّجون بأن هذا يحتاج إلى تشكيل حكومة تُمثل أطياف المجتمع العراقي ، وحكومة بهذه المواصفات قد تشكلت وباركها الجميع.
طبعا أمريكا لا تفعل ذلك لأنه لا يهمها فعلاً مصلحة العراق بل كُل الذي يهمها مصلحتها ومشروعها ، وليس غريباً أنه بدل أن تزود العراق بطائرات حديثة تُرسل هي طائراتها لكي تضرب من تشاء !
لكن الغريب كُل الغرابة والعجب كُل العجب أن يتهافت السياسيون العراقيون وراء أمريكا من أجل أن تجلب طائراتها لتضرب الأهداف داخل العراق بدل أن يضغطوا على هذه الدول ليقوموا بتسليح الجيش العراقي ليمتلك القوة ليدافع عن سيادته !!! هل أن أميركا إستطاعت سابقاً من خلال قوتها الجوية أن تَحل مُشكلة أفغانستان أو باكستان أو اليمن أو ليبيا !!!
الذي نُريد قوله للولايات المتحدة الأمريكية وكُل أعضاء التحالف المزعوم لا تتصوروا أن العراق لُقمة سائغة ولا تتصورا أن الشعب العراقي ساذج ويُمكن أن تَنطلي عليه خُدعَكُم .
والذي نقوله للسياسيين العراقيين لا زال أملنا ببعضكُم موجوداً في إتخاذ موقف وطني يتناسب مع تأريخكُم المشرف في الماضي ولكن إذا لم تفعلوا ذلك فيجب عليكُم أيها السياسيون أن تعلموا حقيقة بديهية موجودة على الأرض وهي أنكم لستُم وحدكُم أصحاب القرار في هذا البلد وأمن هذا الشعب وفي سيادة هذا البلد .
أولاً : توجد مرجعية دينية هي التي أصدرت فتواها وحفظت سيادة وأمن هذا البلد وهي التي تدخلت في الوضع السياسي وعبرت به إلى بر الأمان وتشكلت الحكومة التي تنعمون بخيراتها الآن .
وثانياً : توجد فصائل مُقاومة تُعطي أعز ما تَملُك وهي دماء أبنائها من أجل سيادة هذا البلد وهي التي أثبتت إخلاصها ، وهي التي الآن محل ثقة الجماهير لأنهُم هُم الذي تصدوا لداعش وهزموها.
أما موقفنا نحن في المقاومة الإسلامية فموقف واضح وشُجاع ووطني وشرعي ومسؤول وهو أننا لن ننسحب من الأراضي التي طهرناها من دنس “داعش” ومن كُل من يريد الشر بهذا البلد ، فإننا سنبقى صمام أمان هذا الشعب وفي نفس الوقت لن نقبل أي قوات أجنبية على أرض العراق ..
أولاً : هذه القوات التي ستأتي وتضرب بضربات توصف بأنها “ضربات خطأ” يُقتل فيها مدنيون مضافاً إلى أنها أفعال عمد ولا يُمكن إعتبارها خاطئة من الذي سيُحاسب هذه القوات وعلى أساس أي قانون سيُحاسبونها ؟
يجب عليكم أن تعلموا يقيناً أنه لا مجال لأي حصانة تعطوها لهذه القوات الأمريكية التي تريدون أن تجلبوها إلى أرض العراق لأنكم لا تمتلكون الثقة بأنفسكم ولا بجيشكم ومسألة الحصانة للقوات هي مسألة خاصة فقط بالبرلمان الذي إنتخبه الشعب .
وأي إتفاق سري وجانبي معهم سينكشف وحينها ستحاسبون حساباً شديداً أمام الله سبحانه وتعالى يوم القيامة وأمام شعبكم .
ثانياً : نحن في المقاومة الإسلامية لن نقبل بأي قوات أجنبية في العراق فأي قوات عسكرية على الأرض خارج إطار ومساحة السفارة الأمريكية بإعتبارها أرض أمريكية حسب القوانين الدولية ولن نقبل بها .
أما بخصوص القوات الجوية فلن نقبل بخيار أن تقوم الدول الأجنبية بجلب قواتها الجوية لضرب أهداف على أرض العراق لما في ذلك من حسابات كثيرة .
والحل الصحيح والذي نقبل به هو تسليح طيرن الجيش والقوة الجوية والطائرات والأسلحة المناسبة وفق جدول زمني معقول وخطة تسليح . فإذا ما تم ذلك ـ ونحن نراقب وننتظر ـ إلى أن يتم وضع هذا الجدول الزمني وتطبيقه فإننا سنتعامل مع الضربات التي تستهدف المواطنين الأبرياء أو تستهدف فصائل المقاومة أو شخصيات معينة لأسباب سياسية بعنوان أنها ضربات خاطئة سنتعامل مع هذه الضربات على أساس أنها (إعتـــــداء) .. وكلامنا واضح .
وكلنا أمل بأبناء هذا الشعب المظلوم ووعيهم وشجاعتهم بكل أطيافهم أن يعوا جميعاً إلى مشروع تقسيم العراق الذي فشل في المرحلة الأولى عندما جاءت القوات الأجنبية المحتلة إلى أرض العراق والذي يُراد إحياءه مرة أخرى . فكل الرهان والثقة والإعتماد على أبناء شعبنا وقدرته على إفشال هكذا مشروع وكلنا أمل وثقة ويقين وإيمان بأبناء جيشنا العراقي الشجاع الباسل في التصدي وحماية سيادة هذا البلد .
وكلنا ثقة بأبناء المقاومة بمختلف أسماءهم وعناوينهم بأن يكونوا سنداً قوياً حاضراً للدفاع عن شرف هذا البلد ، ومن ناحيتنا فإن أي منطقة حررناها وشاركنا في تحريرها فإننا موجودون . فهي أرض عراقية ونحن إنطلقنا من منطلقات شرعية ووطنية لتحريرها ، وأبناء المقاومة هم مساندون للجيش العراقي وهو صمام الأمان لأبناء هذا الشعب ولن نخذل أبناء شعبنا .
ففي نفس الوقت الذي سنبقى فيه في ساحات القتال ندافع عن أرضنا وشعبنا ومقدساتنا فإننا لن نسمح لأي قوة أخرى أن تنتهك سيادته .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
16/أيلول/2014