
البجاري: تأخير رواتب الحشد الشعبي خرقٌ لحقوق المقاتلين ونُحمّل “كي كارد” المسؤولية الكاملة
يونيو 28, 2025
الأكراد.. بارزاني.. العصاة.. الشمال.. الجيب العميل.. مفردات لازمت العراقيين منذ أواسط القرن المنصرم إبان الحكم الملكي، إذ كانت محافظات شمالنا مصدر خطر ومهب ريح عاتية، تهب بين الفينة والأخرى على باقي محافظات العراق، مثيرة غبارا يعكر صفو سماء حكامه وملوكه الطغاة. ومنذ خمسة وعشرين عاما استجدت مفردات أخرى مثل؛ الحكم الذاتي.. الإقليم.. التحالف الكردستاني.. مسعود.. فصارت هي الأخرى مصدر إزعاج وتهديد لمستقبل العراق برمته حكومة وشعبا. فعلى صعيد الخلافات السياسية المتوارثة في الساحة العراقية، نرى ان المشكلة الأولى على الأعم الأغلب هي شيفونية بعض الساسة الأكراد، لاسيما بعد انقشاع النظام البعثي المقبور، تتمحور اجتماعات كثيرة وتأخذ مركز الصدارة في جداول أعمال ندوات ومؤتمرات لها أول وليس لها آخر، فضلا عن السفريات والرحلات -المعلنة منها والسرية- التي يقوم بها مسؤولون من بغداد الى محافظات الشمال العراقي التي بات يطلق عليها مصطلح (إقليم). وعلى الرغم من مرور العراق بأصعب مرحلة وأخطرها سياسيا وأمنيا، نرى الجانب الكردي المتمثل برأسه وقائده مسعود بارزاني، يثير بين الحين والآخر مشاكل ومعوقات تعتم الأجواء وتزيدها ضبابية، واللافت للنظر أن الإثارة هذه تتبع توقيتات لايمكن ان تكون عفوية او اعتباطية، وكأنه -مسعود- يتعمد (كهربة) أجواء الاجتماعات واللقاءات وكذلك الأجواء الإعلامية، وجعلها مشحونة على الدوام بقضية او مشكلة تكون الشغل الشاغل على مدار الساعة. فتارة يثير موضوع رواتب البيشمركة، مطالبا المركز بالإسراع بتسديدها لحكومة الإقليم، وتارة أخرى يؤجج الرأي العام في مشروعية تصديره النفط العراقي من أراضي الإقليم، مع أن القانون لايجيز له هذا إلا بالرجوع الى حكومة المركز. وتارات أخرى يجعل من المناطق المتنازع عليها نقطة خلاف جذرية طالما اتخذها حجة، ليوجه القوى الكردستانية النيابية بمقاطعة جلسات مجلس النواب.
وقد توّج بموقفه المشينة إزاء غزو عصابات داعش الارهابية على الموصل قبل أكثر من عام، فقد سجل التاريخ في صفحات مسعود تصريحاته بشأن ضمه أراضي شاسعة من كركوك والموصل الى أراضي الإقليم، مستغلا الفراغ الأمني والعسكري فيها، مبررا ذلك بتصريحه آنذاك: “لقد صبرنا 10 سنوات مع الحكومة الاتحادية لحل قضية المناطق المتنازع عليها وفق المادة 140 لكنها كانت دون جدوى، ودخول قوات البيشمركة إلى تلك المناطق جاء لحمايتها ومنع سقوطها بأيدي الإرهابيين بعد إنسحاب القوات الحكومية منها”. وقد أكد هذا الرجل بتصريح ثانٍ عقوقه حين قال: “الآن بالنسبة لنا المادة 140 أنجزت وانتهت ولن نتحدث عنها بعد الآن”..!
وإكمالا لدوره الذي أجاد في تمثيله، فإنه يجيد فن التباكي حين تتطلب مصلحته الشخصية ذلك، فنراه يدعو حكومة العبادي -كما دعا حكومة المالكي من قبل- الى مد “جسور الثقة” بين المركز والإقليم، ويحث الهمم على التعاون بـ “حلحلة المشاكل العالقة بينهما” ويظهر دوما “النوايا الحسنة” لإعادة العلاقات المؤسساتية بين بغداد وأربيل. ولايفوته قطعا إرسال وفد من المسؤولين الأكراد في حكومة الإقليم وبرلمانه “تطير فوق رؤوسهم الطير”، لإيهام الرأي العام بأن حكومة الإقليم جادة في “رأب الصدع” و “رتق الجرح” و “لملمة الأزمة” و “ترميم الشرخ”، التي أصابت كلها مجتمعة العلاقة بين حكومتي المركز والإقليم، وفي الحقيقة أن أس المشاكل ورأس المصائب بينهما تأتي من جحر (البارزاني).
اليوم.. وبعد أن أوغل مسعود بظلمه وسياسته القمعية الدكتاتورية سنوات طويلة، متربعا على عرش الحكم في محافظاتنا الشمالية، يتركه صاغرا ويترك إرثه الثقيل على أهلنا الذين عانوا خلال حكمه الأمرين، إذ يشبهه كثيرون منهم بالمقبور صدام في تعسفه وبطشه، ونهجه العنصري حتى مع أبناء قوميته الأكراد، فهم على درجات ومنازل يتسيدها أقرباؤه وذووه في المناصب والامتيازات، فيما ينأى عامة الشعب الكردي قسرا عن حقوقهم المشروعة.
لقد اجترح كاكه مسعود ضلاله وعقوقه مزدوجا مضاعفا، فمن جهة عقّ ابناء قوميته، ومن جهة أخرى فقد عقّ الرحم التي ولدته وسعى الى تقطيع أثداء أمه الرؤوم، فلم يكن بارا لأرض العراق ومائه وهوائه وجباله.