
الشيخ الخزعلي يستذكر جريمة الأنفال ويؤكد على ضرورة حفظ الذاكرة الوطنية وتحقيق العدالة للضحايا
أبريل 14, 2025
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى أبناء قواتنا المسلحة أبناء الجيش العراقي البطل وإلى كل أبناء الشعب العراقي
السلام عليكُم ورحمة الله وبركاته ..
تسعى كُل أمة من الأمم وكُل شعب من الشعوب وكُل دولة من الدول إلى أن تُحافظ على كرامتها وتصون سيادتها وتحمي أرضها وتُدافع عن نفسها ، وهذا إنّما يحصل إذا كانت تمتلك جيشاً قوياً ذا عقيدة وطنية وإرادة قوية ، لذلك صار عيد تأسيس الجيش في أغلب دول العالم عيداً وطنياً يَحتَفل بهِ كُل أبناء الشعب .
وهكذا الحال بالنسبة للجيش العراقي الذي نُبارك لكُم ولكُل العراقيين الذكرى الثالثة والتسعون لتأسيسه هذا الجيش الذي إستطاع أن يكون رمزاً لسيادة هذا البلد بل وحتى المدافع عن مصالح الأمة العربية والإسلامية في تصديه البطولي للكيان الإسرائيلي الغاشم في حرب 1948 و1973 في تلك الحرب سَطّر أبطال الجيش العراقي حينها أروع البطولات التي أذهلت كُل أعدائه .
لذلك إستشعرت دول الإستكبار حجم هذا الخطر الذي يُشكله العراق إذا إمتلك جيشاً قوياً مثل هكذا جيش فسعوا بكُل جُهدهم بعد هذه الحرب إلى مُحاولات إنهائه أو إضعافه بحيث يصير إلى الدرجة التي لا يُشكل مَعَها خطراً عَليها وَعَلى مَصالِح حُلفاءها في المنطقة .
وهذا ما حَصَل من خلال زَجّ الجيش العراقي في حروب مع جيرانه حروب لا طائلة معها ولا فائدة فيها تسببت في إضعافه إلى دَرَجَة كبيرة إلى أن جاءتهُم الفرصة الذهبية بعد إحتلال العراق ، لذلك فأول ما قامت به الإدارة الأمريكيّة بعد إحتلالها العراق أنها حلت الجيش العراقي وألغتهُ أصلاً تَحقيقاً لرغبتها العارمة في الحفاظ على أمن الكيان الإسرائيلي الذي يُصرّحون أنهُ أحد أهم أعمدة الأمن القومي الأمريكي مُضافاً إلى ما نَعلَمَهُ نَحن أنهُ لأمور تَتَعَلّق بالمصلح الإمام المهدي المنتظر الذي سيقضي بمساعدة الأخيار على كُل الشر والظُلم في العالم وفي مُقدمتها الكيان الإسرائيلي الغاشم اللقيط وحليفته الولايات المتحدة الأمريكية .
يؤيد ذلك تصريحات أعمدة النظام الأمريكي من أقطاب اللوبي الإسرائيلي عندما كانوا يقولون أننا لم نأتي من أجل إسقاط صدام وإنّما جئنا من أجل مُحاربة إمارة الظلام التي سَتَظهر في العراق وَيَقصِدون بها دولة الإمام المهدي عليه السلام.
لذلك إستمرت الولايات المتحدة الأمريكية في مشروعها بإبقاء الجيش العراقي ضعيفاً من خلال التحكّم بقُدرتِهِ التَسليحيّة وَمَنعِهِ من إمتلاك إمكانيات تَجعَلَهُ يُشكّل أي نسبة خطر على مصالحها وفي مُقدمتها كما ذكرنا أمن الكيان الإسرائيلي.
ولكننا رأينا وبفضل الله سُبحانه وتعالى مُحاولات جادة من حيث المبدأ بغض النظر عن التطبيق للتخلص من عملية الإحتكار والتحكّم الأمريكي بتسليح الجيش العراقي من خلال البحث عن مصادر تسليح أخرى حتى يعود الجيش قوياً مرة ثانية ، وهذا ما نحن في المقاومة الإسلامية نُحَييه ونُكبِرهُ في الإدارة السياسية في بلدنا.
فرأينا شيئاً فشيئاً أن الجيش العراقي بدأ بالتدريج يستعيد عافيته ويسترد قوته ، وهذا أكيداً أنه أغاض بل أخاف أعداء العراق وما أكثرهم . لذلك فإنهم أوعزوا إلى صنيعتهم الخبيثة وهي القاعدة وتنظيمات الإسلام المتطرف إلى الإعتداء عليه والهجوم على مَقراته وقتل جنوده بعناوين وذرائع طائفية مُتَعَدّدة وهذا ما شَهِدناه في الأشهر الماضية .
أيها الأخوة والأخوات ..
يعيش بلدنا حالياً تَحدياً وَخَطَراً مُقلِقاً قد يَتَطَوّر إذا لَم نُحسِن التصرف إلى ما لا يُحمد عُقباه وهُنا المسؤولية مُلقاة علينا جميعاً كُلٍ حسب الدور الذي يَستطيع أن يؤديه.
كُنا قد حَذّرنا سابقاً من مشروع فتنة طائفية في المنطقة عموماً وفي العراق خصوصاً ، فتنة يتقاتل فيها أبناء البلد الواحد والدين الواحد ، ونحن الآن نشهد تحدياً أمنيا وتصعيداً سياسياً مُقلقاً للغاية .
هُناك دولة خليجية تعمل على زعزعة الوضع في المنطقة ككُل والعراق بوجه خاص وهذه الدولة هي المسؤولة عن عمليات التفجير والقتل المروّع الذي يَشهدَهُ بلدنا وهي التي تدعم التنظيمات التكفيرية الظلامية كُل ذلك من أجل حسابات خوفها على وضعها الداخلي .
وكان المراد بمشروع الفتنة هذا أن تكون نواته الجارة العزيزة سوريا بعد أن يَنهار الوضع فيها حتى تَتَمَكّن الجماعات المسلحة هُناك وتُسيطر على الأرض ومن ثُم تَنطَلِق إلى دول الجوار وفي مُقدمتها العراق.
ولكن لأن هذا المشروع إلى الآن فَشَل ولم يَنجَح في سوريا فالمحاولات الآن جارية لإيجاده في العراق بشكل مُباشر من خلال إيجاد موطيء قدم وتواجد لهذه المجاميع التكفيرية وتشكيلات القاعدة وخصوصاً ما يُسمى بالدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام.
وكان المفروض أنهُ بعد أن يبسُط هذا التنظيم “داعش” سيطرته على أجزاء من غرب العراق من خلال إخلائه من أي وجود للدولة بشكل تدريجي أن تبدأ المرحلة الثانية بإثارة الفتنة الطائفية أولاً من خلال الإعتداء على المراقد المقدسة لأهل البيت عليهم السلام في كربلاء والنجف الأشرف ومن ثُم العمل على إسقاط الدولة العراقية والعملية السياسية من خلال السيطرة على بغداد وباقي المحافظات.
نحن أيها الأحبة في ظرف صعب ولا يوجد أمامنا إلاّ طريقان :
أما طريق الإندفاع والإنجرار وراء أبواق الفتنة الطائفية وعُلماء السوء وسياسيي الأجندات الخارجية وبالتالي تواجد الجماعات التكفيرية المسلحة التي تَعتَقِد بأن حق الحياة مُنحَصِر بها فقط وأن إستحقاق كُل من يَختَلف مَعَها هو إلغاؤه من الوجود أصلاً وبالتالي إنتشار القتل والدمار والتهجير والتفجير وتكون نتيجة هذا الخيار هو تقسيم العراق وإضعافه وهو ما يحصل الآن في سوريا .
وأما طريق الدفاع عن الدولة ومؤسّستها والنظام والإستقرار ودعم الجيش والأجهزة الأمنية وأن يكون طريق التغيير والإصلاح هو الإنتخابات والعملية الديموقراطية .
وعلينا جميعاً أن نكون بمستوى الوعي والشجاعة بأن نختار الطريق الصالح ، وكما ذكرنا سابقاً أن العراقيين في غالبيتهم هُم أخيار مُتَسامِحون وشُرفاء طيبون وهُم مُسلِمون مُعتدِلون فليس صحيحاً أن نَترك مجالاً للتكفيريين الظلاميين المتعطشين للدماء والحروب أن يَستَغلونا ولا لأصحاب الأجندات الخارجية الذين يُريدون تقسيم العراق لتحقيق مصالحهم أن يَخدعونا ، فإذا كُنا جميعاً واعين لذلك فلن يَستَطيع أحد أن يؤجّج نار الفتنة الطائفية في بلدنا.
وما نَجده من مواقف شُجاعة وأصيلة من عشائر مُحافظة الأنبار أكبر دليل على ذلك ، ونحن هُنا نُحَيي هذه العشائر في تَصديها الشُجاع لتنظيمات القاعدة ولوقوفها ومُساندتها للجيش العراقي والأجهزة الأمنية .
بل أن تصدي أبناء عشائر الأنبار أكبر دليل على ما قُلناه سابقاً مُخاطبين شيعة العراق الأصلاء من أن ليس صحيحاً أن أبناء السُنة هُم الذين يَقتِلونَكُم ويُفجّرونَكُم وَيُهجّرونكُم لأن التكفيريين يُكفرون ويَستبيحون دم كُل من عَداهُم وَهُم يَقتِلون السّني كما يَقتلون الشيعي .
وكذلك نقول اليوم مُخاطبين سُنة العراق الكرماء : ليس صحيحاً أن الذي يستهدفِكُم ويقتلكُم هُم الشيعة كلا فإن أتباع أهل البيت “عليهم السلام” مُستعدون أن يُشاركوكم في قتالكُم ضد القاعدة وتنظيماتها وتختلط دماؤهُم بدمائكُم كما شاركوكم سابقاً في قتالكُم ضد الإحتلال الأمريكي في مدينة الفلوجة كما أنتم شاركتم في النجف الأشرف وإختلطت دماؤهُم بدمائكُم ، فعلينا أن نؤمن جميعاً بأننا أبناء بلد واحد ودين واحد يُحرّم فيه قتل المسلم للمُسلم ما دام يشهد أن لا إله إلا الله وأن مُحمّد رسول الله.
وَنَحنُ هُنا بإنتمائنا إلى مذهب أهل البيت “عليهم السلام” نُعلن تَبَرّينا من كُل من يَحمِل السّلاح وَيَقتِل أخيه السني لا لشيء إلا لإختلافه معه في مذهبه مهما كانت تسمية هذا القاتل ميليشيات أو عصابات أو أي شيء ..
ونحن نعتقد أن مصيرنا واحد ، وعدونا واحد ، وكنا قد قَسّمنا الذين يُريدون الشر بهذا الوطن وبهذا الشعب إلى أربعة أقسام :
ـ التكفيريين الظلاميين المتعطشين لدماء المسلمين .
ـ والبعثيين الواهمين الحالمين بعودة نظام الحزب الواحد والقائد الأوحد .
ـ والسياسيين أصحاب الأجندات الإقليمية الذين صار كُل هَمّهُم تقسيم وتدمير العراق .
ـ والدول الإقليمية الراعية لهذا النفر الضال.
وَهَدّدناهم حينها أنهُم إذا لم يتوقفوا عن مشاريعهم الخبيثة فإنهُم لن يسلموا وأننا سنصل إليهم وإن كانوا في مناطق مُحصّنة أو فنادق مؤمّنة أو سيارات مُصفّحَة.
والآن نقول لهُم أننا وَصَلنا إليكم …. وصلنا إليكم وَلَم تَنفَعَكُم مَناطِقكُم المؤمّنة ولا سيّاراتكُم المصَفّحة ،
أما كيف وصلنا إليكم فإفهموها كما تشاؤون .. إلاّ أني قلت لكُم سابقاً أننا أبناء شعب لا يرضى بالذُل والعدوان .
أما الدول الإقليمية الراعية والداعمة لمشروع الفتنة في بلدنا فالآن هي ليست كثيرة وكعادتنا في تسمية الأشياء بمسمياتها ، فالدولة الرئيسية التي تعمل على زعزعة الوضع وإشاعة القتل والدمار في كُل المنطقة والعراق بشكل خاص هي المملكة السعودية .
ولن أطيل الكلام هُنا فعلى حكام الممكلة السعودية أن يفهموا جيداً أن بيتهُم أوهن من بيت العنكبوت وإذا كان السياسيون يسكتون أو يُجاملون لحسابات تتعلق بمصالحهم فإننا أصحاب الحلم الجميل وأصحاب السيف الصقيل وإن الإنسان العراقي لا يتحمل الضّيم والأذى كثيراً وهو إنسان شُجاع وقوي يَستَطيع أن يُدافع عن نفسه بالطريقة المناسبة والتوقيت المناسب وأن العراق هو بلد المقاومة التي أذلت الإحتلال البريطاني عندما كُنتُم خانعين خاضعين مُتواطئين معهُ ، والعراق بلد المقاومة التي هَزَمَت الإحتلال الأمريكي بينما كُنتُم تَستَنجِدون بِهِ وبقوّاته ليَحميكُم بطش صدام وهذا العراق الآن يَمتلك جيشاً تستطيع وبكُل سهولة أن يَجعل أيامَكُم سوداء وأحلامكُم هباء.
هذا الجيش هو الذي يتصدى الآن بكُل شجاعة إلى القوات الخاصة في جيشكم البائس وأقصُد بها تنظيمات “داعش” وهو الذي سيُذيقكُم طعم المرارة والهزيمة.
وَنَحنُ من جانبنا في المقاومة الإسلامية في العراق في الوقت الذي نُحافظ فيه على جهوزيتنا الكاملة للتصدي إلى أي خطر يُهدّد بلدنا الحبيب وأبناء شعبه بمختلف إنتماءاتهم وأديانهم ومذاهبهم وقومياتهم إذا دعت الحاجة إلى ذلك فإننا في نفس الوقت نؤكّد على ما أكدنا عليه سابقاً أنه ما دامت الدولة موجودة والأجهزة الأمنية موجودة والجيش والشرطة موجودين فليس عندنا سلاح نحمله بل وظيفتنا وتكليفنا دعم الجيش العراقي والأجهزة الأمنية العراقية .
وليعلم أبناء الجيش الأبطال أن كُل الأخيار من أبناء هذا الشعب مَعهُم وأن كُل الشُرفاء مَعَهُم وأن كُل الأصلاء معهُم ولا يهتموا لنباح الكلاب ولا لنعيق الغربان بل عليهم أن يَسمَعوا فَقَط لشعبهم وأبنائه وعشائره وقياداته الوطنية في كُل ما يؤدي إلى حمايتهم.
ولولا المحاذير السياسية والحذر من المتصيدين بالماء العكر الذين يُحاولون أن يجدوا أي زلّة لتشويه عملكُم الوطني المخلص لوجدتمونا نُقاتل أمامكم نُقدم دماءنا قبل دمائكُم وأنفُسنا قبل أنفسكُم فتوكلوا على الله وأنتصروا فنحن مَعَكُم.
والسلام عليكُم ورحمة الله وبركاته
لمشاهدة التسجيل الكامل على موقع ميديا اهل الحق